الخميس، 3 ديسمبر 2015

الشاعر "خليل مطران"





"من هوا خليل مطران"

خليل بن عبده بن يوسف مطران. أديبٌ شاعرٌ ناثرٌ
عمل في الصحافة، واشتغل في الأدب والتَّاريخ والتَّرجمة.
وُلِدَ في بعلبك بلبنان في التاريخ المذكور بحسب

الوثائق الكنسية للتعميد كما ذكر بعض الباحثين، خلافاً لما أجمعت عليه المصادر أنه
ولد سنة 1871م، وتوفي في مصرَ، ثم نُقِلَ رفاته إلى مسقط رأسه في لبنان، ينتمي إلى
أسرةٍ أصلها من الأزْدِ الغساسنة أصحاب الإمارة العربيَّة في عصر ما قبل الإسلام،
وله شعر يفخرُ فيه بانتمائه إلى بني غسَّـان، أحبَّ أبوه الأدبَ وكان تاجراً ذا جاه،
فدفعَ ولدَه إلى قراءة دواوين العرب، ويذكر مطران أن أباه حملَ إليه ديوان ابن
الفارض، وحثَّه على قراءته ولم يزل صبيّاً، ووالدته (ملكة صبَّاغ) من عائلةٍ
فلسطينيَّةٍ معروفةٍ بغنى ثقافتها، وكانت تتذوَّق الشِّعر، وظهر أثرُ ذلك في ولدها
فنشأ على حبِّ الأدب، وحفظ على صغر سنِّه شعرَ نخبةٍ من الشُّعراء كابن الفارض،
وأبي تمام، والبحتري، والمتنبي.


"أسلوبة الشعري"

عرف مطران كواحد من رواد حركة التجديد، وصاحب مدرسة في كل من الشعر والنثر، تميز أسلوبه الشعري بالصدق الوجداني والأصالة والرنة الموسيقية، وكما يعد مطران من مجددي الشعر العربي الحديث، فهو أيضاً من مجددي النثر فأخرجه من الأساليب الأدبية القديمة.
على الرغم من محاكاة مطران في بداياته لشعراء عصره في أغراض الشعر الشائعة من مدح ورثاء، لكنه ما لبث أن أستقر على المدرسة الرومانسية والتي تأثر فيها بثقافته الفرنسية، فكما عني شوقي بالموسيقى وحافظ باللفظ الرنان، عنى مطران بالخيال، وأثرت مدرسته الرومانسية الجديدة على العديد من الشعراء في عصره مثل إبراهيم ناجي وأبو شادي وشعراء المهجر وغيرهم.
شهدت حياة مطران العديد من الأحداث السياسية والاجتماعية الهامة وكان بالغ التأثر بها وعبر عن الكثير منها من خلال قصائده، وعرف برقة مشاعره وإحساسه العالي وهو الأمر الذي انعكس على قصائده، والتي تميزت بنزعة إنسانية، وكان للطبيعة نصيب من شعره فعبر عنها في الكثير منه، كما عني في شعره بالوصف، وقدم القصائد الرومانسية، من أبيات الشعر الرومانسية التي قالها عندما سئل عن محبوبته قال:
يَا مُنَ الْقَلْبِ وَنُورَ العَيْنِ مُذْ كُنْتُ وَكُنْتِ
لَمْ أَشَأْ أَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ بِمَا صُنْتُ وَصُنْتِ
وَلِـمَـا حَـاذَرْتُ مِـنْ فِـطْـنَـتِـهِمْ فِينَا فَطِنْتِ
إِنَّ لَـيْـلاَيَ وَهِـنْـدِي وَسُـعَادِي مَنْ ظَنَنْتِ
تَـكْـثُـرُ الأَسْـمَـاءُ لَـكِنَّ المُسَمَّى هُوَ أَنْتِ
اهتم مطران بالشعر القصصي والتصويري والذي تمكن من استخدامه للتعبير عن التاريخ والحياة الاجتماعية العادية التي يعيشها الناس، فاستعان بقصص التاريخ وقام بعرض أحداثها بخياله الخاص، بالإضافة لتعبيره عن الحياة الاجتماعية، وكان مطران متفوقاً في هذا النوع من الشعر عن غيره فكان يصور الحياة البشرية من خلال خياله الخاص مراعياً جميع أجزاء القصة.
  • من قصائده التاريخية: نذكر قصيدة "بزرجمهر"
سَجَدُوا لِكِسْرَى إِذْ بَدَا إِجْلاَلاَ كَسُجُودِهِمْ لِلشَّمْسِ إِذْ تَتَلاَلاَ
يَا أُمَّةَ الْفُرْسِ الْعَرِيقَةَ فِي الْعُلَى مَإذَا أَحَالَ بِكِ الأسُوُدَ سِخَالاَ
كنْتُمْ كِبَاراً في الحُرُوبِ أَعِزَّةً وَالْيوْمَ بِتُّمْ صَاغِرِينَ ضِئَالاَ
عُبَّاد كِسْرَى مانحِيهِ نُفُوسَكُمْ وَرِقَابَكُمْ وَالعِرْضَ وَالأَمْوَالاَ
تَسْتَقْبِلُونَ نِعَالَهُ بِوُجَوهِكُمْ وَتُعَفِّرُونَ أَذِلَّةً أَوْكَالاَ
أَلتِّبْرُ كِسْرَى وَحْدَهَ فِي فَارِسٍ وَيَعُدُّ أُمَّةَ فَارِسٍ أَرْذَالاَ
شَرُّ الْعِيَالِ عَلَيْهِمُ وَأَعَقُّهُمْ لَهُمُ وَيَزَعُمُهمْ عَلَيْهِ عِيَالاَ
إِنْ يُؤْتِهِمْ فَضلاً يَمُنَّ وِإِنْ يَرُمْ ثَأَراً يُبِدْهُمْ بِالْعَدُوِّ قِتَالاَ
تفوق مطران على كل من حافظ إبراهيم وأحمد شوقي في قصائده الاجتماعية والتي تناول فيها العديد من المواضيع، محارباً فيها الفساد الاجتماعي والخلقي.

"ماذا قالو عنة"

أشار الدكتور ميشال جحا الأديب اللبناني والذي قام بنشر دراسة عن خليل مطران "إلى أن شوقي وحافظ ومطران، يمثلون الثالوث الشعري المعاصر الذي يذكرنا بالثالوث الأموي: الأخطل وجرير والفرزدق الذي سبقه بأكثر من اثني عشر قرناً من الزمن، كما عاش هؤلاء الشعراء في فترة زمنيـة متقاربة، وفي كثـير من الأحيـان نظمـوا الشعر في مناسبـات واحدة، إنما خلـيل مطران يبقى رائـد الشعر الحديث".
قال الباحث اللبناني قاسم محمد عثمان ان ما صنعه خليل مطران في الأدب لم يصنعه أدباء عصره.

كما قال عنه الشاعر صالح جودت "أنه اصدق شعراء العرب تمثيلاً للقومية العربية".
وعبر طه حسين عن رأيه في شعر مطران وهو يخاطبه قائلاً "إنك زعيم الشعر العربي المعاصر، وأستاذ الشعراء العرب المعاصرين، وأنت حميت "حافظاً" من أن يسرف في المحافظة حتى يصيح شعره كحديث النائمين، وأنت حميت "شوقي" من أن يسرف في التجديد حتى يصبح شعره كهذيان المحمومين".
  • وقال عنه الشاعر العراقي المعروف فالح الحجية الكيلاني في موقعه إسلام سيفلايزيشن -الشعراء (عرف مطران كواحد من رواد حركة التجديد، وصاحب مدرسة متجددة في الشعر والنثر، وتميز أسلوبه الشعري بالصدق الوجداني الحي والأصالة العربية والنغمة الموسيقية، ويعد مطران من مجددي الشعر العربي الحديث، ومن مجددي النثر إذ أخرجه من الأساليب الأدبية القديمة.)*
كما قال عنه محمد حسين هيكل "عاش مطران للحاضر في الحاضر وجذب جيله ليجعله حاضراً كذلك، فشعره وأسلوبه وتفكيره كلها حياة جلت فيها الذكرى وعظمت فيها الحيوية، ولهذا تراهم حين يتحدثون عن مطران يتحدثون عن الشعر والتجديد فيه".
  • من قصائده الرومانسية:
إِنْ كانَ صَبْرِي قَلِيلاً فَإِنَّ وَجْدِي كَثِيرُ لَيْسَ المُحِبُّ صَدُوقاً فِي الحُبِّ وَهْوَ صَبُورُ يا بَدْرُ سُمِّيت بدْراً وَأَيْنَ مِنْكَ البُدُورُ أَيْنَ الجَمَادُ مُنِيراً مِنْ ذِي حَيَاةٍ يُنِيرُ أَيْنَ الصَّبَاحَةُ فِيهِ وَأَيْنَ مِنْهُ الشُّعُورُ أَيْنَ السَّنَى وَهْوَ شَيْبٌ مِنَ الصِّبَا وَهْوَ نُورُ لمْ أَنْسَ حِينَ التَقيْنَا وَالرَّوْضُ زاهٍ نَضِيرُ إِذِ الْعُيُون نِيَامٌ وَاللَّيْلُ رَاءٍ حَسِيرُ نَشْكو الغَرَامَ دِعَأباً وَرُبَّ شَاكِ شَكُورُ وَفِي الهَوَاءِ حَنِينٌ مِنَ الهَوَى وَزَفِيرُ

"من قصائدة"
  • المساء، موت عزيز، الأسد الباكي، وفاء، الجنين الشهيد، المنتحر، الطفل الظاهر، نيرون، فتاة الجبل الأسود، شيخ أثينة، بين القلب والدمع، الزنبقة وغيرها الكثير من القصائد المميزة لمطران.
وقدم للمكتبة العربية كتب من ينابيع الحكمة والأمثال، ديوان الخليل، إلى الشباب والعديد من المترجمات لكل من شكسبير، وفيكتور هوجو.
  • تعد قصيدة "المساء" من أشهر قصائد مطران والتي قال فيها:
داءٌ ألمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحَائِي يَا لَلضَّعِيفَيْنِ اسْتَبَدَّا بِي وَمَا في الظُّلْمِ مِثْلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالْجَوَى وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنِ الأَدْوَاءِ وَالرُّوْحُ بيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدٍ في حَاليَ التَّصْوِيبِ وَالصُّعَدَاءِ وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَهُ كَدَرِي وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائِي هَذَا الَّذِي أَبْقَيْتِهِ يَا مُنْيَتي مِنْ أَضْلُعِي وَحَشَاشَتي وَذَكَائِي عُمْرَيْنِ فِيكِ أَضَعْتُ لَوْ أَنْصَفْتِني لمْ يَجْدُرَا بِتَأَسُّفِي وَبُكَائِي عُمْرَ الْفَتى الْفَانِي وَعُمْرَ مخَلَّدٍ بِبيَانِهِ لَوْلاَكِ في الأَحْيَاءِ
ويسترسل في نفس القصيدة مدمجاً عواطفه في الطبيعة فيقول:
إِنِّي أَقَمْتُ عَلى التَّعِلَّةِ بِالمُنى في غُرْبَةٍ قَالوا تَكُونُ دَوَائِي إِنْ يَشْفِ هَذَا الْجِسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا أَيُلَطَّف النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ أَوْ يُمْسِكِ الْحَوْبَاءَ حُسْنُ مُقَامَهَا هَلْ مَسْكَةٌ في البُعْدِ للْحَوْبَاءِ عَبَثٌ طَوَافي في الْبِلاَدِ وَعِلَّةٌ في عِلَّةٍ مَنْفَايَ لاِسْتشْفَاءِ مُتَفَرِّدٌ بِصَبَابَتي مُتَفَرِّد بِكَآبَتِي مُتَفَرِّدٌ بَعَنَائِي شاكٍ إِلى البَحْرِ اضْطَرابَ خَوَاطِرِي فَيُجِيبُنِي بِرِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ ثاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمَّ وَلَيْتَ لِي قَلْباً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ يَنْتَابُهَا مَوْجٌ كَمَوْجِ مَكَارِهِي وَيَفُتُّهَا كَالسُّقْمِ في أَعْضَائِي وَالبَحْرُ خَفَّاقُ الجَوَانِبِ ضَائِقٌ كَمَداً كصَدْرِي سَاعَةَ الإِمْسَاءِ تَغْشَى الْبريَّةَ كُدْرَةٌ وَكَأَنَّهَا صَعِدَتْ إِلى عَيْنَيَّ مِنْ أَحْشَائي وَالأُفْقُ مُعْتَكِرٌ قَرِيحٌ جَفْنُهُ يُغْضِي عَلَى الْغَمَرَاتِ وَالأَقْذَاءِ يا لَلْغُرُوبِ وَمَا بِهِ مِنْ عِبْرَةٍ للِمْسْتَهَامِ وَعِبرَةٍ لِلرَّائي أَوَلَيْسَ نَزْعاً لِلنَّهَارِ وَصَرْعَةً لِلشَّمْسِ بَينَ مَآتمِ الأَضْوَاءِ أَوَلَيْسَ طَمْساً لِلْيَقِينِ وَمَبْعَثاً للِشَّكِّ بَينَ غَلاَئِلِ الظَّلْمَاءِ أَوَلَيْسَ مَحْواً لِلْوُجُودِ إِلى مَدىً وَإبَادَةً لِمَعَالمِ الأَشْيَاءِ..
...........................




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق